عمال النظافة .. مهنة شاقة وأجر زهيد
عمال النظافة .. مهنة شاقة وأجر زهيد
الاستقلال / حنين زقوت- محمد مهدي
منذ ساعات الفجر الأولى ينتشر عمال النظافة في كافة أحياء وشوارع محافظات قطاع غزة لرسم لوحة حضارية وبراقة للوطن، عبر تجمع وترحيل النفايات إلى أماكنها المخصصة، مقابل أجور زهيدة لا تعينهم على توفير أبسط احتياجاتهم الضرورية.
وتتسع معاناة عمال النظافة لتشمل عملهم لساعات طويلة منذ الصباح الباكر إلى وقت متأخر من اليوم، فضلا عن أجورهم الزهيدة التي لا تكفي لسد رمق أسرهم إذا توفرت في ظل أزمة الرواتب التي يعاني منها قطاع غزة، إضافة إلى نظرة بعض الناس إليهم نظرة دونية
أضف لملفات معاناتهم المكتظة ما يزيد كدرهم من سوء معاملة يتلقاها العامل من قبل الإداريين الموكلين بالإشراف عليهم، على الرغم من عدم تقصيرهم في العمل بكافة الظروف المناخية وتحت لهب الشمس صيفا ومياه الأمطار شتاء .
وأكد عامل النظافة محمد أبو حماد ( 24 عاما ) أن الرواتب التي يتقاضونها لا تسعفهم في توفير الأساسيات الضرورية للمنزل، مبيناً أن راتبه لا يتجاوز 800 شيكل شهريا ويعمل بنظام العقود منذ 4 سنوات بهذا الراتب .
نظرة مقيتة
وأوضح أبو حماد في حديثه لـ"الاستقلال" أن عمال النظافة يبذلون أقصى جهدهم من أجل الحفاظ على نظافة الشوارع الموكلة لهم "حتى في المناطق التي تسيء لهم".
ويعمل عمال النظافة في قطاع غزة، على نظام فترات صباحية ومسائية وتضاف لها فترة إضافية في المناسبات والأعياد وخاصة في الشوارع الرئيسية والحيوية، على الرغم من قلة عدد العمال في كافة المحافظات.
ولم تختلف المعاناة عن زميله في المهنة أحمد الهمص (22 عاماً) والذي بدأ العمل خلال مرحلة الثانوية براتب زهيد لا يكفي احتياجاته الشخصية رغم صعوبة العمل المنوط به، قائلاً: "نخرج للعمل في ساعات الفجر المبكر ونواصل العمل حتى ساعات ما بعد الظهر وأحيانا نتأخر لإنجاز المهام المطلوبة منا".
وأوضح الهمص، أن راتبه البالغ 900 شيقل شهرياً أجبره على الإقامة مع زوجته في بيت العائلة لعدم قدرته على الاستئجار، مضيفا "نحاول تدبير أمورنا في المنزل قدر المستطاع، وطبعا الراتب لا يكفي ولذلك نستغني عن العديد من الأمور التي لا يخلو منها أي بيت في الوضع المتوسط".
وأكد الهمص، أن بعض زملائه تعرضوا لحوادث اعتداء بالأيدي من قبل شباب لمجرد اللهو والضحك مع أصدقائهم، مردفا " نحاول دائما أن نتجاهل عبارات التجريح ولكن بعض الشباب تتعمد مضايقة بعض العمال لظروف خاصة وبعضهم يقوم بتصوير تلك المشاهد ليضحكوا عليها".
أسعد التعساء !
عامل النظافة إسماعيل أبو لبدة كان من ضمن القلة التي حصلت على تثبيت في مجال النظافة ليرتفع راتبه إلى 1500 شيقل بعد 7 سنوات قضاها بالعمل في نظام المقطوعة براتب 700 شيقل فقط .
وتساءل أبو لبدة " لدي الآن 6 أطفال ما زالوا في مرحلة الإعدادية، ولكن كيف سأتصرف عندما يصل أبنائي للمرحلة الجامعية وكيف سأوفر رسوم دراستهم ومصاريفهم ؟" موضحا أن رواتبهم تمر بفترات عدم انتظام بفعل الأزمة المالية التي تعاني منها البلدية .
عدد قليل!
بدوره كشف رئيس قسم النظافة في بلدية رفح مهند معمر عن وجود نقص حاد في عدد عمال النظافة في محافظة رفح كما في باقي المحافظات، قائلا :" يعمل في رفح 92 عامل نظافة بنظام الوظيفة والعقد في حين يبلغ عدد سكان محافظة رفح أكثر من 220 ألف نسمة أي العامل الواحد مكلف بجمع نفايات 2400 مواطن.
وأقرّ معمر في حديثه لـ"الاستقلال"، بتدني أجور عمال النظافة التي تصرفها البلديات قياسا بالمهام المطلوبة والأداء المنفذ من قبلهم، مشيرا إلى تفهم البلدية لهذه النقطة وعملها على رفع أجور عمال النظافة خلال 2012 بواقع 200 شيقل ليصبح متوسط أجور العمال 800_ 1000 للعاملين بنظام العقود فيما تحدد أجور المثبتين وفق قانون الخدمة المدنية بقيمة 1500 شيقل .
وأكد على حرص البلدية على صرف مستحقات عمال النظافة في أوقات منتظمة وفصلها عن رواتب بقية الموظفين .
وشدد على أن البلدية تغطي معاملات التأمين لكافة عمال النظافة العاملين لديها ، وتوفر لهم معدات السلامة والوقاية مثل: "الكفات والأحذية والزي المناسب"، مستدركا ولكن هناك تقصيراً من العامل نفسه في التقيد بعوامل وأدوات السلامة نظرا لغياب ثقافة السلامة وأهميتها لديهم.
وبين معمر أن عمال النظافة عرضة لحوادث عديدة وخطيرة ناجمة عن تعرضهم لأدوات حادة مسممة، مستشهدا بحادثة وقعت خلال الحرب الأخيرة عندما سقطت حاوية قمامة على قدم أحد العمال مما أدى إلى بترها.